السبت، 15 مايو 2010

الغريب


جلس كعادته امام جهاز الكمبيوتر في هذا الوقت المتأخر معلناً عن بدايه فصل جديد من مسرحيه الضياع التى يعيش فيه .
بعد ان شرع جهاز الكمبيوتر في العمل بدأ يتلفت يميناً ويساراً خوفاً من ان يكون احداً يراقبه ، فلربما استيقظت والدته في هذا الوقت المتأخر من الليل ورأته على هذا الوضع ، أو ربما يستيقظ اياً من اخواته في هذه الساعه .
وبعد أن تأكد ان لا احد يراقبه .... امسك شهاب بلوحه المفاتيه ودلف الي شبكه الانترنت معلناً بدايه ساعات من اللذه والبهجه والمتعه امام المواقع التى اعتاد ان يزورها .
نقر بيديه اول المواقع .....ثم بدأ يشاهد بلذه وبنشوه كبيره ما يحدث ، فقد كانت صوراً كثيره لكثيراً من بنات الليل اللاتى يعرضن اجسامهن لمن يدفع ويشتري .
لكم كانت اللحظات ممتعه وشيقه ولكم سال لعابه على الجميلات من هنا وهناك ، فهذه السمراء والشقراء والكبيره والصغيره و.....كل ما يرغب فيه ويتمناه .
وبعد اكثر من ساعتين من النشوه والغرق في اللذه والمتعه والانتقال والسفر مابين هذه وتلك ... كان هناك ما يحدث في الشارع الخلفي لبيته .
وقف شخصاً غريب الهيئه صعب الملامح يتلفت يميناً ويساراً في الشارع المجاور لشارع صديقنا شهاب، وكأنه يبحث عن شيئ ضائع منه .
ثم مالبث ان ذهب بأتجاه البيت المنشود وصعد الدرج محدثاً خشخشه لا يسمعها الا من استرق السمع ... ثم فتح الباب وصعد الي الغرفه العليا وكأنه من اهل الدار !
وفي اثناء كل هذا لم ينتبه شهاب الي اي مما حدث وكأنه نائم وهذا كله بسبب الغفله والاستغراق في شهوته .
وفي هذا الوقت وبعد ان فرغ شهاب من شهوته ارجع ظهره الي الخلف مستنداً على الكرسي الخشبي وهو ينظر الي صفحه الانترنت في لذه واستمتاع وقد ارتسمت على وجهه ابتسامه نشوه وسرور ، وفجأه .........
اصطدم رأسه بجسد يقف في الخلف !!؟
من هول المفاجأه وقع شهاب على الارض بالكرسي وهو ينظر في خوف الي الشخص الواقف من خلفه !!! ظاناً منه انه احد افراد اسرته قد استيقظ وقد رأى ما هو عليه .
ولكن المفاجأه ان هذا الشخص كان غريباً ولم يراه شهاب في حياته ، ومن شده خوف شهاب حاول ان يجري ويستغيث ولكنه شعر بقوه اكبر منه تجبره على المكوث في مكانه وكأنه صنم لا يستطيع التحرك .
وفي اثناء الهلع الذي اصاب شهاب دار بينه وبين الغريب هذا الحوار :

شهاب : من انت ؟ وكيف اتيت الي هنا ؟

الغريب : انا الذي لم تتوقع حضوره ..... انا الذي تفر منه ... انا الموت .

هنا وانزعج شهاب وهو خائف ولا يدري ماذا يفعل ، فهل مايراه حقيقه أم خيال أم ان عينيه وذهنه اصابهم اللوسه من فعل ما يشاهد ؟!!

الغريب : لا تنزعج يا شهاب أو ليس كل نفس ذائقه الموت ؟

شهاب ( وهو يبلع لعابه ) : ولكن ... ولكن كيف هذا وانا مازلت صغير ؟

الغريب : وما العجيب في ذلك أو لم يموت الصغير والكبير والغني والفقير ؟

هنا وحاول شهاب الوقوف ليفر من امام هذا الشخص وأخذ يدور في الغرفه كالمجنون .
الغريب : اين ستذهب يا شهاب ؟ ( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون)

شهاب ( وقد أحس ان كل الابواب والمنافذ مغلقه فجلس مكانه في استسلام قائلاً وهو يلهث انفاسه ) : مستحيل اين الفرار ؟..... اين المخرج ؟ ... أرجوك ان تنتظر قليلاً حتى أودع اقاربي واحبابي .

الغريب : لا وقت فقد اذن الرحيل (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ) .

شهاب (وهو يحاول الوقوف على قدميه ) :ارجوك لولا اخرتني لأكن من الصالحين ارجوك انتظرنى لأصلي ركعتين لله قبل ان اذهب أليه .

الغريب: لا وقت لذلك ... فأين كنت طوال حياتك وماذا كنت تفعل طوال السنين الماضيه؟

شهاب : ولكن لا استطيع ان اقبل على الله وانا على هذا الحاله .

الغريب : لاوقت لدينا يا شهاب فقد أمرنى الله ان آخذ روحك الان .

شهاب ( ناظراً الي السماء مستصرخاً) : يارب...يارب.. لقد تبت أليك فأرحمني .

الغريب :( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً )

شهاب ( وهو يبكي من الخوف والذعروهو يتذكر كل ما مضى من اعماله الخبيثه ) :
ارجوك انتظر ...ارجوك اتركنى ولو ساعه أو حتى دقيقه ... ارجوك .

الغريب : لا وقت ولا دقيقه ولا حتى ثانيه اخرى ( فاذا جَاءَ أجلهُم لايستأخِرُونَ ساعَة ولا يستَقدِمون )

الغريب : اخرجي ياروح شهاب الخبيثه الي سخط الله وعذابه الي رب غضبان وغير راضي . ( وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُون )
.............................................
اخذ ملك الموت روح شهاب الي السماء تتلقفها ملائكه العذاب من هنا وهناك وترك جسده ملقاً على ارض الغرفه أمام جهاز الكمبيوتر و....... مازال الكمبيوتريعرض ما يعرض ولكن هذه المرة بدون شهاب .

هناك 14 تعليقًا:

موناليزا يقول...

يااا الله
لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين
----
الوصف كان دقيق للغاية.. أحييك على أسلوبك فى الكتابة

غير معرف يقول...

عندك حق هو مسلسل ما بينتهيش من الضياع
ياترى انا ممكن اموت وانااعده ع النت اللى مش بسيبه ىلا ليل ولا نهار الا اذا غلبنى النوم ونمت ادامه
انا خايفه اوى انتهى النهايه دى مش معنى كده انى بتفرج على اللى بشوفه شهاب بس اهه فى الاخر كله واحد
يارب اهدينى وهد سلطان نفسى وذنبوبى
اللهم انى اعوذ بك من طول الامانى
يارب توب عليا دلوقت
ربنا يجزيك خير

(ست* جنى* الحسن) يقول...

السلام عليكم..
قصة مؤثرة اوى وياريت كل واحد يتعز ويفتكر ان الله يرانا فى كل وقت .واتمنا لك الانتاج المثمر الدائم

مدونه ما كفايه بقى يقول...

اللهم اوعدنا بحسن الخاتمه ولا تعدنا بسوءها يا رب اعفينا اللهم تب علينا اللهم تقبل منا احسن ما عملنا اللهم امين

زهور الامل يقول...

أستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم

اللهم احسن خاتمتنا وقنا شر النهاية

موضوع جميل جدا يا محمد

جزاك الله عنا خير الثواب

تقبل تحياتي

MOHAMMED ELBANNA يقول...

موناليزا
اشكرك على الزياره والرد الطيب ومنكم نتعلم .
دمتى طيبه ولمدونتى زائره
محمد البنا

MOHAMMED ELBANNA يقول...

الشوكه الناعمه
أسأل الله ان يتوب عليكي ويعينك على نفسك وعلى شيطانك .
جزيتي خيراً على مرورك الطيب .
محمد البنا

MOHAMMED ELBANNA يقول...

ست الحسن
مرحباً بزيارتك الطيبه والاولى .
نورتيني
محمد البنا

MOHAMMED ELBANNA يقول...

ما كفايه بقى
مرحباً بزيارتك الاولى .
شكراً على المرور
محمد البنا

MOHAMMED ELBANNA يقول...

زهور الامل
جزيتي خيراً على طيب مرورك .
اسعدتيني بالزياره .
محمد البنا
طريق النجاح

كلام على بلاطة يقول...

تحياتى
=========
عنصريين حتى النخاع وتخصصهم زراعة الالام والاوجاع/

والابشع من عنصريتهم, جهنمية معاملة الاخر كمتاع/

فلا حق لغيرهم فى حياة ولا امل ولا رجاء الا لو باع/

واستغنى عن قيم المواطنة والمساواة على المشاع/

ومن لايتبعهم يستفزهم ولا مانع من تقطيعهم ارباع/

ويا ويل من يقف فى طريقهم وطريق الخراب والضياع/

فهم وحوش ولو تسموا باسماءنا من باب الاستبياع

احفاد مصاصين الدماء القتلة الصعاليك الرعاع/

يستغلوا مخاليق ربنا كخدم وعبيد وجوارى للامتاع/

مرايتى يقول...

اللهم إرزقنى حسن الخاتمه
وتوفنا على طاعه وأنت راض عنا يارب

جزاك الله خيرا

MOHAMMED ELBANNA يقول...

كلام على بلاطه
مرحباً نورتني
محمد البنا

MOHAMMED ELBANNA يقول...

مرايتي
جزيتي خيراً ورزقك الله ما دعوتى .
تقبلي تحياتي
محمد البنا