الاثنين، 24 أغسطس 2009

بــوابــة الآخــرة !


ان الذي سوف احدثكم عنه اليوم هو هاتف جال بخاطري في الايام الاخيره وظل يشغل حيز كبير من تفكيري ليل نهار واستدعاني لأسطر هذه السطور القليله التى قد يجعل الله بها الفائده لكل من يقرأها ان شاء الله .
ان ما ستحتويه السطور التاليه ليس بهين ولا ببسيط ولكنه امر جلل وامر جد خطير فهو احدى حقائق الكون وهو امر مسلم به وهو كأس يدور على افواهنا جميعاً لنرتشف منه واحداً تلو الاخر .
انه الـمــــوت الذي تفر منه جميع الخلائق على وجه البسيطه ليس هذا فحسب بل ويفرون ايضاً من مجرد سماع اسمه ولو لصدفه ونجد الكثيرين منهم عندما تأتي سيرة الموت يقولون كلام على شاكله ( كفانا الله الشر ) ( لا تذكر هذا الفأل السيء ) ( ابتعد عنا بهذا النذير الشؤم ) ، وكأنهم نسوا اننا جميعاً بأختلاف طوائفنا وطباعنا – المسلم والكافر ، العاصي والطائع ، الكبير والصغير ، الرجل والمرأه ، القوي والضعيف – سوف يأتي يوم ونعود فيه الي الله سبحانه وتعالى ، يقول الله عز وجل :( الله يبدؤا الخلق ثم يعيده ثم أليه ترجعون ) صدق الله العظيم ، ولو كان هناك شخص احق بالخلد لكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولكن الله كتب على الجميع الموت ، يقول عز وجل مخاطباً النبي : ( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد افأين مت فهم الخالدون ) صدق الله العظيم .
والحقيقه هنا انني لست بصدد التكلم عن الموت من باب الوعظ والارشاد والعمل للدار الاخره فقط – وان كان لهذا اهميه كبرى - ولكني بصدد التكلم عن الموت من وجهه نظر ورؤيه فلسفيه بسيطه عن طبيعه الموت وحقيقته .
.........................
تعريف الموت :
الموت في اللغه / ضد الحياه – السكون وعدم الحركه .
الموت فى الشريعه / خروج الروح ومغادرتها للجسد المادي مما ينتج عنه توقف كامل في جميع وظائف الجسد .
........................
حقيقه الموت :
ان الموت هو مخلوق من مخلوقات الله عز وجل ! وتأكيداً على ذلك يقول المولى سبحانه وتعالى : ( الذي خلق الموت والحياه ليبلوكم ايكم احسن عملاً وهو العزيز الغفور ) صدق الله العظيم ، والموت في الحقيقه هو ليس نهايه الطريق كما يظن البعض من اصحاب العقول الصغيره الذين يعتقدون ان الميت سوف يذهب ولن يروه او يراهم مره اخرى وفي ذلك مغالطه كبرى .
فالموت ما هو الا البدايه ، بدايه الطريق !
نعم بدايه الطريق ، فالموت بصوره مبسطه وعباره سهله ما هو إلا بــوابـه ولكنه ليس كأي بوابه عاديه ولكنه بـــــوابـــه للآخــــره التي ينتقل منها الانسان من الحياه الدنيا ومن قوانينها الماديه المتعارف عليها الى عالم أخر وحياه اخرى تختلف تماماً في كينونتها وقوانينها عن الحياه الدنيا ، ولذلك فالموت ما هو الا مرحله انتقاليه للحياه الخالده اما حياه النعيم او حياه الجحيم – اعاذنا الله واياكم - .
واني لأتعجب كل العجب عندما اسمع واقرأ كتب لأشخاص يشككون فى حياه ما بعد الموت وللأسف فهم اشخاص مكلفين وذوي عقول نحسبها واعيه ومتفتحه ولكن الله قد اعماهم عن الحقيقه وختم على قلوبهم بغشاوة الجهل التي اورثتهم جهلاً فوق جهلهم وحماقه فوق حماقاتهم ، يقول عز وجل ( ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى ابصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم ) صدق الله العظيم ، واني لأرى ان هؤلاء الاشخاص الذين ماهم الا مجموعه من الملحدين انما ينشرون ما ينشرون ويكتبون ما يكتبون الا ليطمئنوا انفسهم انه لا حساب ولا هنا رقيب على اعمالهم ولن يسئلوا عن طغيانهم وكفرهم وغوايتهم للناس ولكن هيهات هيهات لما يوعدون ويمنون به انفسهم فأن الموت آخذهم حتى وان كانوا فى بروج مشيده وسوف يردون الي سوء المنقلب.
ولو نظرنا بشيء من الحكمه والتروي لوجدنا ان الحياه الدنيا ما هي الا فتره وجيزه جداً لو تمت مقارنتها بالحياه الآخره ، يقول الله سبحانه وتعالى : ( وان الدار الآخره لهي الحيوان لو كانوا يعلمون ) صدق الله العظيم
اي ان الدار الآخره هي الحياه الحقيقيه التي يعيشها الانسان وهي بحق ما يستحق ان يعمل لها الانسان ويتحمل من اجلها الجهد والتعب ، وان الحياه الدنيا مهما طالت بنا ما هي الا كفسحه من وقت قصير ، يقول النبي : ( مالي وللدنيا ما انا في الدنيا الا كراكب استظل تحت شجره ثم راح وتركها ) .
وقد يتسائل البعض ويقول : وما هو الجديد في الامر فكل هذا كل الناس تعرفه ؟
وتكون الاجابه هنا بسؤال آخر وهو : وبما ان الناس تعرف وتعلم هذا اذاً لماذا يتقاتلون على الدنيا الزائله ولم يعملوا الا قليلاً للحياه الابديه ؟
قد يكون السؤال مصدم لبعض الناس ولكنها الحقيقه فبالرغم من علمنا التام بهذه الامور الا اننا لا نعمل بهذا العلم – الا من رحم ربي – وفي هذا بلاء شديد وكارثه عظيمه فسوف يكون الحساب ضعفين حساب على التقصير وحساب على علمنا وعدم عملنا بهذا العلم .
............................
على باب الاخره :
كما اتفقنا منذ قليل ومن كم الآيات السابقه يتضح لنا ان الموت ما هو الا مجرد باب للآخره لنعبر منه لحياه اخرى بمعطيات وقوانين جديده ، وان مرورنا من هذا الباب لن يتعدى اللحظات الوجيزه والقصيره ، فبعد سكرات الموت ومنازعه الروح في الجسد يكون الانسان بهذا على اعتاب بوابه الآخره وقد اقترب من العبور منها الي الحياه الآخره ، ثم يأتي ملك الموت ليأخذ الروح ويسحبها سحباً من الجسد المادي الذي طالما كانت اسيره فيه لفتره من الوقت ثم تخرج من الباب لتصعد الي السماء فى انتظار الحياه الابديه .
والانسان عند لحظه موته وعند خروج روحه من الجسد تنهار امامه كل القوانين الكونيه التى عاش عليها وبها فنجد مثلاً انه يكون عنده قدره لرؤيه الملائكه والمخلوقات النورانيه والخفيه ، يقول الله عز وجل :( لقد كنت في غفله من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) صدق الله العظيم .
وهو اما يرى ملائكه الرحمه او ملائكه العذاب وعنده القدره ايضاً على رؤيه مقعده من الجنه او النار وذلك دليل على استقباله لحياه اخرى لها قوانين خاصه بها وضعها الله سبحانه وتعالى .
وبعد خروج الروح من الجسد تكون بذلك مرت من الباب الي طريق الآخره حيث تأخذه الملائكه الي حياه البرزخ ، وما هو البرزخ هذا ؟
انه الحد الفاصل بين عالم الاحياء وعالم الاموات بحيث لا يمكن لأي روح دخلت هذا العالم ان تعود الي الحياه مره اخرى حتى يوم البعث وبأمر الله ، يقول سبحانه وتعالى : ( حتى اذا جاء احدهم الموت قال رب ارجعون * لعلي اعمل صالحاً فيما تركت كلا انها كلمه هو قائلها ومن ورائهم برزخ الي يوم يبعثون ) صدق الله العظيم .
............................
لماذا نخشى الموت :
السؤال هو الان : لماذا يخشى الناس الموت بالرغم من انه ما هو الا مخرج للحياه الابديه ؟
والاجابه عن هذا تكمن في شقين وهما :
الشق الاول / ان الانسان خلق من طين اي من تراب هذه الحياه الدنيا ولذلك فجسده يتمسك بالارض وبملذاتها وشهواتها اما روحه فهي نفخه من الله سبحانه وتعالى وهي روح طاهره تتطلع دائماً للسمو والارتقاء ، ولذا نجد ان عند الفصل بين الجسد المادي والروح يكون المكان الطبيعي للجسد هو الارض التي خلق منها ويكون المكان الطبيعي للروح هو السماء حيث نشأتها الاولى .
ولكن للأسف كثيراً من الناس قد استسلموا لجسدهم المادي ولرغباته وشهواته فأصبحت روحهم سجينه لهذا الجسد الشقي ويكون هو سباب في عذابها فى الدنيا والآخره ، وهناك على النقيض اشخاص قد قرروا حرمان جسدهم من رغباته وملذاتهوقرروا الارتقاء بأرواحهم والسمو بها عن الدناءه والوضاعه وبذلك سمت ارواحهم واصبحت قريبه من الله ، يقول عز وجل : ( قد افلح من زكاها * وقد خاب من دساها ) صدق الله العظيم .
الشق الثاني / هو ان الذي يخشى ويخاف من الموت انما هو انسان يخشى لقاء الله لأنه يعلم ان هذا اللقاء سيكون عسيراً عليه ولن يرى منه اي خير وذلك كله بسبب طغيانه ومعصيته لأوامر الله سبحانه وتعالى وجحوده ونكرانه لنعمه ، يقول عز وجل : ( فأما من طغى * وآثر الحياه الدنيا * فأن الجحيم هي المأوى ) صدق الله العظيم ، وعلى النقيض فالأنسان المؤمن لا يخشى مقابله الله لأنه كان طائع لله ويبشر بهذه المقابله ، يقول عز وجل ( واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فأن الجنه هي المأوى ) صدق الله العظيم .
............................
لمحه شعريه :
النفس تبكي علي الدنيا وقد .. علمت
ان الســــلامه فيها تــرك ... مــافيها
لادار للمرء بعد المــوت ... يسـكنها
الا التي كـــان قبـل المــوت ...بانيها
فأن بـناهــا بخــير طـاب ... مسكنها
وأن بــناها بشــر خـــاب ... بـــانيها
اين المـــلوك التي كانت ... مسـلطنة
حتي سقاها بكاس الـمـوت ... ساقيها
امـــوالنا لـذوي المـيراث ... نجمعها
ودورنا لـــخراب الــدهر ... نبنيهـــا
كــم من مدائن في الأفاق ... قد بنيت
امـست خرابا ودان الموت ... دانيه
الكل نـــفسٍ وان كانت علي ...وجـلٍ
مـــن الـمـــنــيـــه امـــال ... تـقـويه
افالـمرء يبسطها والــــدهر... يقبضه
اوالنفس تنشرها والــموت ... يطويها
..................
ختاماً اخواني واخواتي فى الله ان الموت اكبر من ان نفرد له بعض السطور القليله ولكني ما كتبت هذه الاسطر القليله الا لخاطر جال بعقلي كما اخبرتكم سلفاً وما كتبت انما هو رؤيه خاصه من وجهه نظري للموت وقد يتفق معي من يتفق وقد يختلف البعض ولكن ما نتفق فيه جميعاً هو ان الموت سوف نلاقيه جميعاً ، يقول عز وجل : ( قل ان الموت الذي تفرون منه فأنه ملاقيكم ثم تردون الي عالم الغيب والشهاده فينبئكم بما كنتم تعملون ) صدق الله العظيم .
ملحوظه : هذه ليست دعوه للتكاسل وعدم العمل وترك الامور الدنيويه ولكنها دعوى لوضع الامور في نصابها وهي بمثابه ضربه على الرأس للغافلين ليتبهوا لأهميه العمل للآخره والاستعداد لـبــــوابه الآخـــــــره .
يقول عز وجل ( وان ليس للأنسان الا ما سعى * وان سعيه سوف يرى * ثم يجزاه الجزاء الاوفى ) صدق الله العظيم
................

هناك 8 تعليقات:

بسنت صلاح الدين يقول...

جزاك الله كل خير ،كلام جميل و تذكره اجمل

ومازلتُ أتعلم يقول...

كل سنة وحضرتك طيب استاذ محمد
بحيك على نقل الشعر او النشيد ده جميل

Tamer Alhosiny يقول...

اخي محمد

بارك الله فيك ونفعنا واياكم بهذا البوست القيم
ان الحياة حق والموت حق
والله حق
والجنة حق والنار حق والاخرة حق

خالص نحياتي
تامر الحسيني

hasona يقول...

السلام عليكم

كل سنة وانت بخير
وكل سنة وجميع أحبابك بخير وصحة وسعادة
وكل سنة وكل المسلمين علي شريعة الله وسنة الحبيب المصطفي رضي الله عنه وأرضاه

وان شاء الله نستفيد من رمضان بكل السبل
ونخرج منه أفضل مما ولجنا به
يا رب أعنا علي القيام والصيام والصلاة
ووفقنا لما فيه الخير للجميع يا رحيم يا كريم

وارزقنا العفاف والرضا - والمحبة واهدينا يا عظيم

وأعنا علي القيام والصيام والصلاة والارتقاءالي جنة الفردوس

واجعلها لنا ميراث خير وسعادة

واجعلنا من عتقاءك في هذا الشهر يا معطي يا وهاب

وارزقنا حلاوة القرآن و حسن تلاوته
وتدبر معانيه وفهمها علي النحو الصحيح
ورطب ألسنتنا بذكرك يا الله

MOHAMMED ELBANNA يقول...

بسنت صلاح الدين
اشكرك على مرورك الطيب
بارك الله فيكي
تقبلي تحياتي
محمد البنا
طريق النجاح

MOHAMMED ELBANNA يقول...

ومازلت اتعلم
كل عام وانتى بخير
اتمنى لكي الاستفادة من الشهر الكريم
جزاكي الله خيراً
محمد البنا
طريق النجاح

MOHAMMED ELBANNA يقول...

اخى / تامر
جزاك الله خيراً على مرورك الكريم
تقبل تحياتي
محمد البنا
طريق النجاح

MOHAMMED ELBANNA يقول...

hasona
مرحباً بك على صفحات المدونة
بارك الله فيك ، مشكور على الدعوات الطبية
محمد البنا
طريق النجاح